اقرا ايضا

تقرير : منير تمودن
استهل فريق البحث في علم مقارنة الأديان الذي يترأسه المتخصص في الدراسات الشرقية واللغة العبرية الدكتور سعيد كفايتي وبتنسيق مع مختبر الخطاب والإبداع والمجتمع التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس أنشطته للموسم الجامعي2015/2016 بتنظيم الدورة الثانية من الملتقى الوطني العلمي الثاني للطلبة الباحثين في علم مقارنة الأديان يومي 10 و11 مارس بقاعة المؤتمرات ودار الثقافة.
على خلاف الدورة السابقة، عرفت الدورة الثانية مشاركات وطنية من جامعات مختلفة وجنسيات متعددة، إضافة الى انفتاح هذا الفريق على عدة شركاء كان لهم الفضل الكبير في توفير الدعم المالي واللوجيستيكي والإعلامي لإنجاح هذا  الملتقى والرفع بعلم الأديان من مستوى تدريسه بالجامعات المغربية إلى تأسيس مراكز بحثية  وشعب مستقلة داخل مختلف الكليات المغربية في ظلها تتحقق التوجيهات الملكية السامية التي تدعو إلى إعادة صياغة مناهج الدراسات الدينية بما  يناسب محاربة التطرف وخلف الإسلام المعتدل وتحقيق التعايش الديني وربما يكون أداة لاستقرار الوضع السياسي المتدهور.
فجل المداخلات التي أُلقيت في الجلسة الافتتاحية جاءت متفقة على تحقيق هذه الأهداف، سواء مداخلة السيد رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله، أو مداخلة السيد عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس، أو مداخلة السيدة نائبة عمدة فاس ابتسام الدحماني، أو مداخلة السيد المدير الجهوي للثقافة، أو كلمة السيد الحسين الإبراهيمي الوزاني مدير مختبر الخطاب والإبداع والمجتمع، أو كلمة رئيس فريق البحث في علم مقارنة الأديان الدكتور سعيد كفايتي.
تناولت الجلستين الصباحيتين لليوم الأول موضوعي “قضايا الأقليات الدينية” و”قضايا ومفاهيم في الفكر الديني اليهودي”، حيث سُيرت الأولى من طرف المتخصص في الأقليات المسيحية في العصر الوسيط الدكتور الحسن الغرايب، فقد عالجت جل مواضيع هذه الجلسة الأقليات اليهودية سواء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من منظور استشراقي عند الطالب أحمد بن فارس، أو من خلال الوجود اليهودي بالجنوب الشرقي للمغرب عند الطالب رضوان العماري، أو من خلال الإطار التاريخي للوجود اليهودي بالمغرب الأقصى للطالبة يطو وهمي، أو من خلال الأقليات اليهودية بطرابلس للطالب زياد الزواوي. أما الجلسة الثانية فقد سُيرت من طرف المتخصصة في الدراسات العبرية سناء الراشدي، وتناولت قضايا يهودية من جانب عقدي، كالذي تناوله الطالب كمال الدوش حول الخلاف بين الفرق اليهودية لا سيما فرقة القارئين، أو ما تناوله هشام أمباركي حول إشكالية المنهج والهيرمنوطيقة اليهودية، وما تناوله الطالب جمال اصوالحين حول تطور الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط، أو ما تناوله الطالب إبراهيم ونزار من جامعة القاضي عياض حول جهود ابن كمونة في تأسيس علم مقارنة الأديان في العصر الوسيط.
أما الفترة المسائية فقد عُنونت جلستها الأولى بـ”الفكر الديني المسحي”،  وسُيرت من طرف الدكتورة عبد الحميد انفيسي، حيث تناول المتدخلون الفكر المسيحي من بعد لاهوتي كمفهوم المعاد المسيحي مقارنة بالإسلام لفاطمة أنهشيم، ولغز الناصرة لعلي أزلماط، والمجيء الثاني للمسيح بين المسيحية والإسلام هشام الحايك، أو من بعد فلسفي كموضع جدل  الفلسفة والدين في مدرسة الإسكندرية من  خلال رسم حدود التداخل بين الافلاطونية المحدثة والمسيحية للطالب منير تمودن. وتناولت الجلسة الثانية التي عُنونت بـ”مفاهيم وقضايا منهجية في علم مقارنة الأديان” مواضيع ابستمولوجيا الظاهرة الدينية للطالب محمد الإدريسي من مركز نقد وتنوير باسبانيا، ونظرية المصادر الأربعة لأسماء الوردي، ومدخل الى علم النفس الديني لعبد الحليم الشرقي.
تناولت جل مواضيع الفترة الصباحية من اليوم الثاني للملتقى القضية الدينية وفق مُحدِّدَات حوار الحضارات وفي سياق رسم مشروع تنصهر داخلة الإثنيات المختلفة يكون الدين أحد ضوابطه، لهذا يتحدث الطالب الاندونيسي رفق مولى خير المولى عن واقع وآفاق الإسلام في بلده، وتتحدث رقية أهجو عن الحرورة الدينية لتفعيل حوار الحضارات، ويتحدث الطالبين محمد ياسين الحتاش ممثلا لجامعة الاخوين ومنير صنهاجي ممثلا كلية سايس فاس عن الإعلام كأداة لصناعة الآخر الديني.
دعت جل التوصيات التي أُثيرت في الفترة المسائية من نفس اليوم إلى تنظيم الدور الثالثة من هذا الملتقى على المستوى الدولي وبتنسيق مع جامعات مغربية وأجنبية أخرى، سواء من خلال دعوة الأساتذة المتخصصين في علم الأديان أو من خلال دعوة الأخر الديني المسيحي أو اليهودي، لأن نموذج التعايش الذي سيتحقق من خلال هذا الملتقى سينعكس وسيمتد بلا شك إلى تحقيق تعايش أكبر ينصهر داخله كل الأديان وتتوحد تحثه كل الحضارات، وقد اعتبر الدكتور سعيد كفايتي ان هذا الطموح بمثابة اكراه وتحد رهين بعزيمة الطلبة المشرفون على تنظيم وانجاح هذه الملتقيات نذكر على سبيل المثال لا الحصر الدكتورة كريمة نور العيساوي والطلبة الباحثون محمد زركان ومنير تمودن وكمال الدوش ومحمد مبشوش وغيرهم.

 إن ما يعكسه طموح الأستاذ الدكتور سعيد كفايتي في الرفع بعلم الأديان إلى مصاف العلوم الأخرى وما يجسده عزيمة أعضاء فريقه في تحقيق هذا الطموح هو في حد ذاته أولى بوادر نضج وقيام هذا العلم في الجامعات المغربية لا سيما كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فاس.

كتابة تعليق

ضع تعليقك هنا

Previous Post Next Post