اقرا ايضا
افتتحت الندوة بتلاوة عطرة لآيات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحضور الطالب محمد برقية. تلتها كلمة السيد مدير مركز روافد الدكتور عزيز أبو الشرع والتي عرض فيها السياق العام الذي يأتي فيه هذا المركز وأهم الدوافع الداعية إلى تأسيسه والأهداف التي يسعى إلى تحقيقها.
فمركز روافد مشروع علمي أكاديمي طموح يهدف إلى إغناء الحقل الثقافي والمدني بالمغرب من خلال الاشتغال على الموضوعات التي من شأنها إبراز الوجه الحضاري للمغرب المتجلي فيما أنتجه أعلام الغرب الإسلامي في مجالات الدين والفلسفة والأدب والتاريخ...، وكذا مآلات استعمال هذه المعارف وتفاعلها المجتمعي والتاريخي والحضاري.
وأشار المتحدث في كلمته إلى إن " الأطروحة التي نقدمها في مركز روافد هي ربط البحث الأكاديمي بالواقع المجتمعي والإقليمي، وذلك بالعكوف على القضايا ذات الاهتمام بالدرس والبحث. وتكمن المرجعية الفلسفية للمشروع في كون المغرب قد راكم على مستوى المعرفة الدينية والأدبية والفلسفية والعمرانية رصيداً استحق به أن تكون له ميزات حضارية جعلتنا نجعلها الإطار العام والمسلمة الأولى للاشتغال"
ويهدف المركز إلى تحقيق جملة من الأهداف البحثية الأكاديمية :
* يسعى المركز إلى تنشيط مجال البحث العلمي، والإسهام في الحفاظ على الخصوصيات الدينية والثقافية لبلادنا، من خلال إعداد ونشر دراسات وأبحاث حول تراث المغرب وحضارته؛ وكذلك من خلال الاهتمام بالمجالات البحثية المتصلة بإحياء التراث وتحقيق المخطوطات.
* التعريف بنوادر الإبداعات الفكرية والمصنفات التراثية التي أنتجها علماء المغرب في مختلف المجالات وفي شتى العصور، وتحقيقها وفهرستها؛ لتكون زادا للباحثين، ولبنة في ترسيخ أصالة الثقافة المغربية.
* نشر الوعي بأهمية ما أنجزه المغاربة في مختلف المجالات.
* تشجيع حركة البحث العلمي في صفوف العلماء والباحثين وأساتذة الجامعات.
* ربط الصلة بين المركز ومختلف الهيئات والمعاهد المعنية بالبحث العلمي، وفتح قنوات التواصل والتعاون معها. تحقيق التواصل بين الباحثين في مجال اهتمام المركز.
* تعزيز آليات وسبل التواصل والتعايش مع المحيط الإفريقي والمتوسطي عن طريق التعاون العلمي والعمل المشترك في مجالات اهتمام المركز.
وغير بعيدين عن موضوع الندوة كانت المحاضرة الإفتتاحية للدكتور أحمد شحلان خبير الدراسات العبرية ، ومدير سابق لمكتب تنسيق التعريب بالرباط.بعنوان "عولمة الفطرة وعولمة المعرفة:الإسلام والمعرفة".
والذي تناول فيها الحديث عن العولمة باعتباره فعلا إنسانيا قديما، وعولمة المعرفة باعتباره فعلا إنساني جديد ناتج عن عولمة الفطرة .ودلل على ذلك بأمور:
1 الانسان ينزح فطريا للعولمة، وأن العولمة من الضروريات وهي مطلب رئيسي وليست من التحسينيات أو الكماليات. لأنها توطد العلاقات مع الآخر وتدعو إلى حوار متزن وكذا تبادل المعارف والمكتسبات الحضارية، وهذا كان ديدن اﻷنبياء في محاورتهم للآخر ومعرفته وإقناعه بالحجج والبراهين.
2 أن الإسلام يدعو للعولمة مع الحفاظ على الموروث الحضاري والتراثي للإنسان.
3 دور العولمة والمعرفة في انتشار الإسلام مثال:
( مساهمة التجار والركاب في نشر الإسلام بأسقاع اﻷرض ، توطيد اﻷمازيغ لإسلام في إسبانيا وإفريقيا. ..).
4 ان العولمة ساهمت في نقل المعارف وتوريثها وذلك بتقرير قانون يحمي اﻷمة من الداخل والخارجعن طريق:
. إنتاج فكر متأمل يقوم السلوك الإنساني عامة والمجتمعي خاصة.
.حماية الإنسان في معتقده
.الدعوة إلى معرفة الآخر.
وكل ما سبق صاحبه الدكتور أحمد شحلان بالإشارة إلى بعض علماء الإسلام ممن كانت لهم الريادة وكانت لهم النضرة الحضارية في هذا المجال منهم:
ابن حزم من خلال كتابه "الفصل في الملل والنحل".
الطبري "تاريخ الرسل والملوك للطبري".
( انظر كذلك مقال مفصل في جريدة هسبريس)
وبعد استراحة شاي انطلقت الجلسة الثانية برئاسة د.عبد الله الرشدي، أستاذ باحث بمؤسسة دار الحديث الحسنية - الرباط. وكانت المداخلة الأولى فيها، للدكتور أحمد شوقي بنبين ، مدير الخزانة الملكية والخبير الدولي في المخطوط العربي والكوديكولوجيا بعنوان "مآسي التراث العربي المخطوط".
وتناول فيها الدكتور بنبين الحديث عن أهم مشكلات التي تحيط بأبرز مصادر التراث العربي ألا وهو المخطوط، وهي كالتالي:
النساخة ، الطباعة، التحقيق العلمي.
في مسألة النساخة تحدث الدكتور عن تاريخها من القرن الثاني والثالث الهجري الى اﻷن مؤكدا على أنه منذ تلك الفترة لايوجد مخطوط سليم وذلك بسبب هفوات النساخ، وعضد ذلك بشهادة علماء منهم الجاحظ والخوارزمي وذلك في رسائله والقاضي عياض في الإلماع وابن جمعة في التذكرة وغيرهم...
وذلك على عكس ما يجب أن يكون لأن الكم الموجود أي عدد المخطوطات في العالم العربي كبير جدا ، لكن الكيفية كادت أن تنعدم وهذا ينطبق على مجال الطباعة التي هي آفة الرءيسة في ضياع العلم بسبب سوء الطباعة حيث أنه كلما مر الزمن إلا واضطر الباحثون الى إعادة النبش والتنقيب في المخطوطات ، وتأكد من انه يجب إعادة تحقيق جل المخطوطات العربية ﻷن مشكلة التحقيق أو ما يصطلح عليه بالتحقيق ، وخصوصاً في العصور المتأخرة .حيث أنه صار مجالا يدخله كل من ليس له شغل أو عمل يتقنه موازيا في ذلك امتلاكه لتمويل المادي.
وقد أشار الأستاذ أن الداخل في هذا المجال يجب عليه أن يكون محيط بأبجديات دراسة المخطوط وتحقيقه ، وذلك ليس متعلق بالدارسين فقط بل بالمؤسسات التعليمية والمعاهد التكوينية التي يجب عليها تعرف الطلبة بالمخطوط مشاهدة ودراسة مشيدا بضرورة إنشاء مراكز للدراسة البيبليوغرافية للمخطوط ، وغيرها كي يزول ذلك الخوف الهستيري من المخطوط ويهيأ الباحث مسبقا لتعامل معه في إطار أليات وأدوات علمية ممنهجة دقيقة ممثلا لذلك بحكمة فرنسية مضمونها "الذي يعرف أين يجد العلم فهو عالم".( انظر كذلك مقال مفصل في جريدة هسبريس)
بعد ذلك كان للحاضرين موعد مع محاضرة الدكتور أحمد عمالك من جامعة القاضي عياض . مراكش. بعنوان "العلاقات المغربية الأوربية فيما بين 1763-1863م" . وتناول خلالها د. عمالك الحديث عن الجانب التاريخي للمغرب والسياسي مؤطرا إياه في قالب زمني ما بين 1763-1863م ، وذلك نظرا لما حف هذا التاريخ بالضبط من وقائع حصلت بين المغرب وبعض الدول الأوروبية وبالضبط في مجال المعاهدات والرسوم ، وغيرها مثال:( أن السلطان محمد بن عبد الله وقع أزيد من أربعين معاهدة ، وقبله الدولة المرابطية في معاهداتها التجارية حيث أن هذه المعاهدات كانت من ناحية تمثل وسيلة لتقارب المغرب مع الجانب الأوربي، ومن ناحية أخرى كانت كل دولة تريد أن توقع اتفاقية خاصة بها خادمة لمشروع التوسعي الاستغلالي وذلك على حساب الدولة الآخرى ، وأغلب مضامين هذه الاتفاقيات كانت تنحو نفس المنحى:
حق الاستغلال والتوسع
فرض ضرائب بنسب ضخمة إذا ما أخل ببند من بنود المعاهدة.
فرض السيطرة على المجال البري والبحري
زرع كوادر في الدولة تسهل من عملية الاستغلال الأولي للإستعمار البعدي.
وقد خلص الدكتور إلى أن هذه المعاهدات كانت لها تأثير على توجه المغرب ومنحاه سياسيا اقتصاديا -حضاريا-تجاريا وعلميا ، من وقتها إلى وقتنا الحاضر .
أما المداخلة الأخيرة فكانت للدكتور محمد آيت حمو من جامعة سيدي محمد بن عبد الله .فاس. بعنوان "الفكر الفلسفي في المغرب الإسلامي، ملامح، مكونات وأشكالات" وقد تناول الحديث فيها ابتداء عن القطيعة الموجودة بين التراث المشرقي والمغربي، وكذا بين علوم الملة وعلوم الحكمة، وأكد على أنه يمكن الجمع بين كلا الأمرين وذلك عن طريق إتخاذ أطروحة الدين والسياسة عند الفارابي نموذج وغيرها، ودعى إلى تجاوز الآراء القائلة بانتهاء الفلسفة في الغرب الإسلامي بعد ابن رشد، لأنه إذا حققنا في تاريخ المغرب نجد أن كل علماء الدولة العلوية على سبيل التمثيل لا الحصر كانوا يعرفون الفلسفة ، بل كانوا يجمعون بينها وبين علوم الملة ، وكانوا مبرزين فيهما.
وكان مسك الختام مع الشاعر الدكتور المختار السعيدي .الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين. تازة ، والذي قدم أبيات شعرية تحض وتحتفي بالعلم والعلماء.
إرسال تعليق
ضع تعليقك هنا