اقرا ايضا
كيفية كتابة المراجع في البحث العلمي
البحث العلمي المُتميِّز دليلُ ارتقاء الجامعات العريقة، وإضافة حقيقية لنهضة البشرية، وتختلف الدراسات والأبحاث في نوع كتاباتها، ولمن تكون مُوجَّهةً، فقد يكون ما تكتبه بحثًا علميًّا، أو مُراجعةً علميةً، أو مقالًا علميًّا، أو مُلخَّصاتٍ، أو أوراقَ عملٍ، أو عرضًا لدراساتٍ سابقةٍ، وقد يكون ما تكتبه مُوجَّهًا لجامعة بغرض الحصول على درجةٍ جامعيةٍ، أو مؤتمرٍ علميٍّ، أو مجلَّةٍ علميةٍ، أو لإلقائه في مُحاضرةٍ، أو لهيئةٍ علميةٍ، ولكلِّ نوعٍ طريقة مختلفة في نظام كتابته رغم أن الطريقة العامَّة قد تكون واحدةً.
وفي هذا المقال سنُلقي الضوء عن كثب على جزئية مهمة من أجزاء كتابة البحث العلمي، وهي ما يتعلق بكتابة المراجع في البحث العلمي، حيث نُفصِّل القول في الطرق السليمة الخاصة بإيجاد المصادر والمراجع وكيفية إثباتها وتوثيقها في البحث، ولتكن البداية من خلال تعريفنا لمفهوم مصطلح المصادر والمراجع لغويًّا واصطلاحيًّا:
التعريف اللغوي للمصدر والمرجع:
عرَّف علماء اللغة المرجع بأنه المكان الذي يتم الرجوع إليه، أو الذي يُردُّ إليه أمرٌ من الأمور، ومثاله الكتاب الذي يُعدُّ مرجعًا لمن يُريد البحث عن المعرفة، أمَّا تعريف المصدر في اللغة فهو الموضع أو المكان الذي يمدُّ بالمعلومات الأصلية، ويُلاحظ أن الدلالة اللغوية لكلمتي المصادر والمراجع مُتقاربة؛ لأن كليهما موضع يُمكن الرجوع إليه.
التعريف الاصطلاحي للمصادر والمراجع:
عرَّف الخبراء والمتخصصون في كتابة البحث العلمي المراجع بأنها الأوعية التي تم وضعها ليتم الرجوع إليها بشأن الحصول على معلومة معينة لمُعالجة موقف أو قضية ما، وضربوا أمثلةً على ذلك بـ:
القاموس، نرجع إليه لنُحدِّد معنى كلمة ما، وكيفية استخدامها في موضعها الصحيح.
طبيعة المراجع وطريقة استخدامها:
حدَّد المتخصصون طبيعة مراجع البحث العلمي بأنها ذات معلومات منظمة، وبالتالي فإن استخدامها يقتصر على الرجوع إليها للحصول على معلومة تفيد الباحث فقط دون قراءة المرجع كله.
فالفرق بين الكتاب العادي والمرجع يتمثَّل في أن الكتاب العادي يُقرأ من أوَّله إلى آخره، أمَّا الكتاب المرجعي فهو الكتاب الذي يُستشار من قبل الباحث وقت حاجته إلى الحصول على معلومة ما.
ومن هنا يتبيَّن لنا أن مراجع البحث العلمي تتَّسم بخصائص مُعيَّنة تتمثَّل في:
· أنه وُضع ليكون المكان الذي نرجع إليه بخصوص معلومات مُعيَّنة.
· أنه لا تتم قراءته بصفة كاملة، بل تُنتقى منه المعلومات التي تُفيد الباحث في بحثه.
· ليس ذا سلسلة متتابعة، فكل جزء منه لا يعتمد على الأجزاء الأخرى من الكتاب ذاته.
· مُنظَّم بطريقة تُيسِّر للباحث سبل الوصول إلى المعلومات.
· ذو معلومات مُكثَّفة.
بصفة عامَّة، يمكننا أن نذكر أن مراجع البحث العلمي هي كل ما يستعين بها الباحث في بحثه ويسجلها في نهاية البحث.
الفرق بين المصادر والمراجع:
ليست المصادر كالمراجع؛ فهناك فرق بينهما يتمثَّل في أن المصادر هي الكتب التي تحتوي على المعلومات والعلوم الجديدة التي لم يسبق إليها أحد، فالمصادر هي الأصول.
أمَّا المراجع فهي كتب تعتمد في محتواها على المصادر، وقد تكون شروحا لها، والباحث لا يستعين بالمرجع كله، بل يبحث داخله عن الجزئية التي تفيده في مجال بحثه.
وبمعنى آخر، يقول الباحثون في هذا المجال، إن:
المراجع هي الدراسات الحديثة التي تُعالج الموضوع من خلال استيعاب المادة الأصلية وتخرجها في ثوب جديد، ويمكننا التفريق بين المصدر والمرجع على أساس درجة الصلة بين ما في الكتاب من علم وبين موضوع البحث، فإذا كانت الصلة مباشرةً فيُعدُّ مصدرًا، وإن كانت غير مباشرة فيُعدُّ مرجعًا.
أنواع المراجع:
تنقسم المراجع إلى قسمين رئيسيين:
مراجع مباشرة: وهي التي تُعطي للباحث المعلومات بصورة مباشرة، مثل الموسوعات، والدوريات الصادرة عن الجهات الرسمية، وكتب التراجم، وغيرها.
مراجع غير مباشرة: وهي التي تدلُّ الباحث على المصدر الذي يمكن أن يستقي منه معلوماته التي يحتاج إليها.
أهمية المصادر والمراجع في البحث العلمي:
تتمثَّل أهمية مصادر ومراجع البحث العلمي في أنها المواضع التي يحتاج إليها الباحث لإثراء وإنجاز بحثه العلمي بشكل دقيق ومنهجي، والبحث العلمي الذي يتمتَّع بمصداقية أكثر هو الذي يعتمد على تنوُّع المصادر والمراجع، ويستفيد أقصى استفادة منها، ويمكننا حصر أهمية المراجع في البحث العلمي فيما يلي:
· أنها تجيب عن جميع الاستفسارات التي يطرحها الباحثون في أبحاثهم.
· تُعطي قيمة للبحث وتُشير إلى مدى اطِّلاع الباحث خبرته في مجال البحث العلمي.
· يتم الاستناد عليها في حل القضايا والمشكلات موضع البحث بصورة دقيقة.
· تُعتبر المصادر والمراجع حلقة وصل بين الماضي والحاضر.
· من خلال المصادر والمراجع نستطيع التعرُّف على مدى التطوُّر الذي وصلت إليه البشرية في جميع المجالات.
· تُوضِّح المصادر والمراجع مدى حداثة المعلومات التي يستند إليها الباحث.
· تنمية المعرفة من خلال تراكم المعلومات والإحاطة بها.
· تُعدُّ المصادر والمراجع وسيلة غير مباشرة لتبادل الثقافات بين شعوب العالم.
التوثيق وأهميته:
عرَّف اللغويون التوثيق لُغةً فقالوا: وثق فلانًا أي قال فيه إنه ثقة، ووثق الأمر أي أحكمه، ووثق العقد أي سجَّله بطرق رسمية.
وعُرِّف التوثيق اصطلاحًا بأنه تسجيل المعلومات التي استفاد منها الباحث العلمي بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وفقًا لطرق علمية مُتَّبعة بحيث يتم إثبات مصدر المعلومات وإرجاعها إلى أصحابها اعترافًا بجهدهم.
وتتمثَّل أهمية توثيق مصادر ومراجع البحث العلمي:
· التعزيز من مصداقية البحث وصحة ما به من معلومات.
· حفظ الحقوق الخاصة بمن اقتبس منهم أو استند إلى كتاباتهم ودراساتهم.
· إمكانية أن يستزيد القارئ في موضوع البحث من خلال رجوعه إلى تلك المصادر والمراجع التي وثقها الباحث في بحثه.
أنواع التوثيق:
توثيق المصادر والمراجع في البحث العلمي على نوعين هما:
· توثيق المتن، وفيه تتم كتابة الاسم الأخير للمؤلف وسنة النشر بين قوسين.
· التوثيق في نهاية البحث.
وينبغي أن تكون المصادر المراجع الموثقة في متن البحث مطابقة للمصادر والمراجع الموثقة في نهاية البحث.
طرق توثيق مصادر ومراجع البحث العلمي:
من الخطوات المهمة جدًّا في البحث العلمي كتابة وتوثيق المصادر والمراجع بطرق سليمة، وتتمثَّل هذه الطرق في الكتابة على هذا النسق:
اسم المؤلف - اسم المرجع - مكان النشر - دار النشر - سنة النشر – الجزء - الصفحة.
في حالة إذا كان الكتاب مترجمًا تتم كتابة المرجع على هذا النسق:
اسم المؤلف - اسم المرجع - اسم المترجم - مكان النشر - دار النشر - سنة النشر – الجزء - الصفحة.
إذا كان المرجع دوريةً فتتم كتابتها على هذا النسق:
اسم المؤلف - عنوان المقالة - عنوان الدورية - رقم العدد الخاص بالمجلد - تاريخ الصدور - الصفحة.
إذا كان المرجع عبارة عن صحيفة فتُكتب وفقًا لهذا النسق:
اسم الكاتب - عنوان المقال - اسم الصحيفة - تاريخ صدورها - الصفحة.
إذا كان المرجع عبارة عن بحث مقدم لمؤتمرات علمية:
اسم المؤلف - عنوان البحث - موضوع المؤتمر - مكان انعقاد المؤتمر - تاريخ انعقاده.
إذا كان المرجع عبارة عن موقع إلكتروني:
اسم الموقع – اليوم – الشهر - السنة.
آلية الاقتباس من المصادر والمراجع:
يتم الاقتباس وفق طرق مختلفة، ولكل طريقة مناسبتها، وتتمثَّل هذه الطرق في:
· نقل النص كاملًا دون إحداث تغيير فيه، ولا بُدَّ من وضع النص بين قوسين حتى لا يتهم الباحث بانتحال النص، ونسبته إلى نفسه.
· اختصار النص، وتلخيصه في حالة إذا ما احتاج الباحث إلى اقتباس موضوع كامل أو فكرة كاملة تشغل عددًا كبيرًا من الصفحات.
· إعادة صياغة النص بأسلوب الباحث.
من أين يستقي الباحث مصادره الأساسية لبحثه العلمي؟
تتنوَّع مصادر البحث العلمي، وتختلف نسبته إلى نوع البحث ومجاله والهدف الذي يصبو إليه، ومن بين هذه المصادر ما يلي:
· القرآن الكريم، والسنة النبوية.
· كتب السير الذاتية.
· التجارب العلمية التي حصلت على براءة اختراع.
· الوثائق التاريخية.
· المعاجم والقواميس.
· الموسوعات.
· التقارير الدورية الصادرة عن الهيئات العلمية.
· الصفحات الموثقة في شبكة الإنترنت.
الحصول على مراجع البحث العلمي من الشبكة العنكبوتية:
سهَّلت الشبكة العنكبوتية أمر الحصول على مصادر ومراجع علمية للبحث العلمي، ولكن مع كثرتها واختلاط الغثِّ بالسمين فيها صار لزامًا على الباحث أن تكون عملية بحثه واستخلاص مصادره ومراجعه بشكل احترافي تؤدِّي الغرض بكفاءة وتوفِّر عليه جهده ووقته وتساهم في إنجاز البحث العلمي، وفيما يلي بعض الإرشادات المهمة لعملية البحث عن مصادر ومراجع خلال شبكة الإنترنت:
· لا تقتصر في عملية بحثك على استخدام محرك واحد؛ فمحركات البحث كثيرة أهمها جوجل، وياهو.
· هناك مكتبات عالمية تضع محتوياتها وما تضمه من كتب ووثائق على شبكة الإنترنت، يمكنك البحث فيها عن مصادر ومراجع تفيد بحثك العلمي.
· يمكنك الاعتماد على كثير من المواقع العلمية الموثقة، والتي تنشر الهيئات العلمية والبحثية فيها ملايين البحوث والكتب والمقالات.
قائمة المصادر والمراجع الخاصة بالبحث العلمي:
من الأمور المهمة التي لا يتم إنجاز البحث العلمي إلا بها إعداد قائمة المصادر والمراجع، وهي التي تشمل جميع الاقتباسات التي استند إليها الباحث في بحثه، ولا ينكر الباحث أهمية إعداد هذا النوع من الفهارس؛ فهو يُعتبر مدخلًا مهمًّا من مداخل البحث، فقد يحتاج كثير من القراء إلى التوسُّع والمزيد من الاطِّلاع على جزئية معينة من البحث، ولا يتأتَّى لهم ذلك إلا من خلال الاطِّلاع على مصادر تتحدَّث عنها بصورة أكثر عُمقًا، وهناك طرق مختلفة لكيفية ترتيب قائمة المصادر والمراجع في نهاية البحث، ومنها:
· الترتيب حسب النوع:
وفي هذا الحالة يتم ذكر الكتب أولًا، تليها الدوريات، ثم الوثائق الرسمية، ثم الدراسات، والأطروحات.. إلخ.
· الترتيب حسب الحروف الأبجدية.
· الترتيب حسب تاريخ الصدور.
· الترتيب حسب الورود في البحث.
· ترتيب المراجع العربية ثم الأجنبية.
ضوابط أخرى لكتابة قائمة مصادر ومراجع البحث العلمي:
هناك عدد من الضوابط التي ينبغي على الباحث العلمي مُراعاتها أثناء إعداد قائمة مصادر ومراجع البحث العلمي، ومن أهمِّها:
· التنظيم والتنسيق.
· خُلو الكتابة من الأخطاء اللغوية.
· يتم وضع القرآن الكريم ثم كتب السنة النبوية إذا كانا مرجعين للباحث في صدر المراجع، ولا يجوز وضعه حسب ترتيب الحروف الأبجدية.
· ذكر جميع المراجع التي تمَّت الاستعانة بها بصورة مباشرة وغير مباشرة.
· الدقَّة في كتابة الهوامش.
· عدم ذكر مرجع أو مصدر في القائمة لم تتم الاستعانة به في البحث.
في النهاية، لا يسعنا إلا أن نقول إنه ينبغي على الباحث أن يبحث عن المراجع العلمية التي تخدم بحثه وتجعله بحثًا قيِّمًا ذا مصداقية، وأن تكون لديه الخبرة الجيدة، سواء في البحث في محركات شبكة الإنترنت أو في المكتبات العامة، وتوثيق تلك المراجع في قائمة مُنسَّقة يُذيِّل بها بحثه.
إرسال تعليق
ضع تعليقك هنا