اقرا ايضا
مركز الأبحاث والدراسات في منظومة التربية والتكوين
بشراكة مع الجمعية المغربية لأطر التوجيه و التخطيط التربوي
ينظم
الدورة الثامنة من المناظرة الوطنية
أسئلة اصلاح منظومة التربية والتكوين حول موضوع:
"أي دور للتوجيه والتخطيط التربويين في إصلاح منظومة التربية والتكوين؟"
وذلك يومي 28 /29 نونبر 2015 بمدينة مكناس
تقديم:
من منا لم يطرح عليه سؤال انطلوجي منذ أن وطأت قدماه المدرسة: ماذا تريد أن تصبح في المستقبل؟ فتكون أجوبتنا بقدر آمالنا وتطلعاتنا، لكن من منا حقق ما كان يأمل فيه؟ إن هذه الأسئلة على بساطتها تختزل مشهدا عميقا يستوعب المشروع المجتمعي إذا ما أضفنا إليه استراتيجيات التخطيط.
إن هذه الأسئلة التي ترسم حلم أي طفل، يأمل في أن يكون ناجحا لأنه توجه في مسار تربوي صحيح، وحقق ما رغب فيه، على عكس الكثيرين الذين لا يجدون متعة في ما يمتهنون لأنهم لم يوجهوا في الاتجاه الصحيح، وهو ما يعكس أزمة منظومتنا التربوية، ويعكس مظهرا من مظاهر الفشل الدراسي حينما لا يتم التفكير في استراتيجيات للتوجيه المدرسي تساعد المتعلم على بناء مشروعه الذاتي، والعمل على تحقيقه حتى يكون لما يمتهنه معنى لوجوده. إن التوجيه والتخطيط التربويين متلازمين تلازما وثيقا، فالتوجيه كدعامة أساس لبناء المشروع المجتمعي، باعتبار الغايات التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها، والدور الذي تنهض به في بناء الإنسان وإنماء الشخصية والقدرة على استيعاب المشروع الذاتي للفرد؛ لن يتحقق كل ذلك إلا بتخطيط استراتيجي يستوعب غايات المدرسة كأداة للتنشئة الاجتماعية من جهة وكفضاء لبناء الكفايات والقدرات الكفيلة بتحقيق التنمية وخلق الثروة.
إن أي اصلاح لا يعتمد فلسفة توجيه طموحة وناجعة مهدد بالكساد، إن على المستوى المعنوي القيمي، أم على المستوى المادي. وكثيرة هي المظاهر التي تختزل هذا الكساد: الهذر بكل معانيه ( المدرسي، البشري، المالي...)، الفشل الدراسي، الانقطاع، التكرار، البطالة في صفوف حاملي الشهادات، هجرة الكفاءات...إن التوجيه الجيد يعني مدرسة ناجعة وفعالة، قادرة على كسب رهان التنمية والنهضة لهذه الأمة.
لعل من نافل القول أن أزمة المنظومة مرتبطة بسوء التخطيط، وان جل الإصلاحات المتعاقبة إن لم نجزم كلها، تعاني من غياب تخطيط استراتيجي يستشرف المستقبل، ويتطلع نحو أفق أرحب لاستيعاب المطلب الاجتماعي في التربية. إن التفكير في الإصلاح لا ينبغي أن يتخطى تجنيا رؤية المستقبل بإيجاد مقومات بناء استراتيجية واضحة لمستقبل المنظومة، تنهل من عمق المشروع المجتمعي، وتبني ميكانيزمات وخطط منسجمة مع الرؤية الكلية الموجهة للإصلاح. إن تخطيطا جيدا يعني طريقا قويما نحو بناء اسس متينة لمنظومتنا التربوية.
المحور الأول:
التوجيه التربوي ورهانات بناء المشروع المجتمعي؟
إن أي تفكير في جدوى التوجيه التربوي ينطلق من فلسفة ارتباط التوجيه ببناء المشروع المجتمعي، أي أن سؤال الجدوى من التوجيه هو سؤال غائي يستشرف المستقبل،فإصلاح المنظومة التربوية رهين بتحديد الغايات المنوطة بالمدرسة، في سياق الرؤية الموجهة للمشروع المجتمعي. إن إشكاليات التوجيه التربوي ليست بالضرورة قضايا تقنية أو فنية تتصل بأساليب تحديد المسارات البيداغوجية للمتعلمين، أو تنظيم المسالك وتهذيب رغبات المتمدرسين؛ بل هي قضية أعمق من ذلك، في الغالب الأعم، تطرح أسئلة أشمل ذات طابع أنطلوجي، ترسم ملامح المجتمع وتنطلق من الأسس الفلسفية المحددة لهويته؛ فالتوجيه التربوي هو التحقق العيني لمفهوم المشروع المجتمعي. لأن التوجيه هو القادر على رسم ملامح إنسان المستقبل، الذي ترتهن على أعتابه كل الأسئلة الكبرى التي يطرحها المجتمع ( التنمية المستدامة، الرخاء الاقتصادي، المواطنة، الوعي الاجتماعي...). من هذا المنطلق يمكن طرح مختلف الاسئلة الوجودية المرتبطة بالتوجيه التربوي، والتي تحدد معالم رؤيتنا لإصلاح المنظومة التربوي: أي دور للتوجيه التربوي في إصلاح المنظومة التربية والتكوين؟ هل هناك وضوح في فلسفة التوجيه التربوي ضمن السياسات التربوية ببلادنا؟ ما هي رهانات هذه السياسات من خلال طرح سؤال التوجيه التربوي؟ لماذا يجد أغلب المتعلمين أنفسهم متوجهين توجها سيئا؟ كيف يمكن أن يساهم التوجيه التربوي في التنمية الاجتماعية و الاقتصادية؟
المحور الثاني:
التخطيط التربوي أية استراتيجية لبناء مدرسة المستقبل؟
إن التخطيط عامة أحد الأسس التي اعتمدتها أغلب النظريات المرتبطة بالنمو والتقدم وقضايا التنمية، فالفكر التنموي جديده وقديمه، يعتبر التخطيط ضمن أهم مراحل بناء المجتمعات، وأحد أركان بناء السياسات العمومية حكومية كانت أم قطاعية. من هذا المنطلق يعتبر التخطيط التربوي رافعة مهمة ضمن السياسات التربوية؛ كما أنه أحد الاسس التي تُقيم بناء المنظومة التربوية. إن العملية التربوية سيرورة ممتدة نحو المستقبل، لذا فإنها تحتاج إلى تخطيط استراتيجي يستشرف المستقبل، و يستوعب المطلب المجتمعي. كما أن التخطيط التربوي يطرح قضايا جوهرية مرتبطة برؤية الفاعلين السياسيين في التربية لوظيفته ، فضلا عن الكيفيات والطرق والأساليب التي يتم التعامل بها مع مفهوم التخطيط التربوي، دون أن ننسى غياب البعد الاستراتيجي للتخطيط والاقتصار على اختزال التخطيط في بوتقة ضيقة لا تخرج عن نطاق الخريطة المدرسية و جرد البنيات والعمليات الاحصائية الروتينية... من هذا المنطلق سنحاول طرح أسئلة عميقة مرتبطة باختلالات التخطيط التربوي بدل أن نطرح أسئلة فنية: هل هناك تخطيط تربوي ضمن سياساتنا التربوية؟ هل يمكن الحديث عن وجود تخطيط استراتيجي؟ كيف يمكن أن يساهم التخطيط التربوي في إصلاح منظومة التربية والتكوين؟ ما هي الاختلالات التي تعرفها المنظومة التربوية على مستوى التخطيط التربوي؟
Post a Comment
ضع تعليقك هنا