اقرا ايضا
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تبارك وتعالى أولا، أبلغ الحمد وأوفاه، وأكمله وأنماه، فما من نعمة إلا وهو مسديها، وما من منة إلا وهو موليها، فهو أحق من حُمِد، وأولى من شُكِر، نحمده تبارك وتعالى على أن يسر لنا طريق العلم وحببه إلى قلوبنا، وأحمده على عظيم عونه وتيسيره إنجاز هذا البحث حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.
والصلاة ثانيا على خير مبعوث للأمم، والسلام على أفضل من أُرْسِل بالحِكَم، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده و رسوله.
لقد تمت يوم الخميس 23شوال 1437 الموافق لـ 28 يوليوز 2016 ابتداء من الساعة العاشرة صباحا، مناقشة أطروحة الطالب الباحث مولاي إسماعيل الناجي لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع: "الفكر الأصولي عند علماء الغرب الإسلامي من خلال شروح البرهان : قضايا منهجية ونماذج تطبيقية"، بمركز الدراسات في الدكتوراه: الشريعة والقانون، تكوين الفقه المالكي الأصالة والتجديد، التابع لكلية الشريعة والقانون بفاس.
وقد كانت اللجنة العلمية مكونة من السادة الأساتذة الأفاضل:
- الدكتور عبد الله غازيوي مشرفا.
- والدكتور إدريس الزعري المباركي عضوا ورئيسا.
- والدكتور إدريس الفاسي الفهري عضوا.
- والدكتور حسن قايدة عضوا.
والدكتور محمد المهدي رمح عضوا.
وقد استمرت حتى الثانية زوالا، لتختلي اللجنة للمداولة وتمنح صاحبها شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا، مع التوصية بالطبع، فلله المنة والحمد والشكر كما ينبغي لجلال وجهه، ويعظم الأجر لكل من علمنا وحارب الجهل فينا، آمين يا رب العالمين،
وما يلي نص التقرير الملقى من لدن الطالب الباحث أمام اللجنة العلمية الموقرة
-السادة أعضاء لجنة المناقشة الموقرة.
-الحضور الكريم.
قبل أن أبدأ في الحديث عن فقرات هذا التقرير، لا بد من أَرُدَّ الفضل إلى أهله، وأن أُحِلَّ الشكر في محله، يقول الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله" [الترمذي رقم1961].
وتأسيا به، وامتثالا لإشاراته العلية في التأدب مع من صنع صنيعا، أو أسدى معروفا، فإني أتقدم بأسمى عبارات التقدير والاحترام، عسى أن أوفي صاحب الحق بعض حقه، وذا الفضل بعض فضله...
وأقصد بذلك شيخي وأستاذي الدكتور "عبد الله غازيوي" الذي تفقهت على يديه في فصول الإجازة الفقه الأكبر والفقه الأصغر، العقيدة والعبادات، وخصني بهذا الإشراف الذي تحمل عناءه بكل حب وإخلاص، ولم يكن يحبسني عن الاتصال به واستشارته والتنور بإشاراته وتوجيهاته النيرة التوقيتُ الإداري، بل كنت ألتقي به في المسجد وفي المدرسة، بل حتى في داره ومنزله، وأشكره كذلك على تتبع كل مراحل هذا البحث منذ مرحلة إعداد التقرير والتسجيل إلى أن أرسى به في ميناء هذا المدرج العامر لأجل المناقشة. ولأجل ذلك فمهما شكرت أو عدّدت من فضائل هذا الرجل، فإني لن أبلغ معشار حقه، فالله وحده القادر على أن يجزيه الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة.
كما أشكر باقي أعضاء اللجنة العلمية المباركة الذين تحمّلوا قراءة هذا البحث على عِلاته، وصبروا على حجمه رغم مزاحمته لمهامهم والتزاماتهم العلمية، وأنا على يقين أنهم سيفيدونني كثيرة في هذه الجلسة العلمية المباركة، وهم:
-ضيف الكلية الكبير، والأستاذ القدير، الدكتور سيدي "حسن قايدة"، الذي بالإضافة إلى ما سبق ذكره مما تحملته اللجنة المناقِشة، فهو يزيد على أعضائها بتحمّل وعتاء السفر من أقصى الشرق من مدينة وجدة إلى فاس، فجزاه الله خيرا على قبوله ذلك في سبيل خدمة الرسالة السامية الجامعية.
-سيدي "إدريس الزعري لمباركي"، الذي ما فتئ يشجعني على تتمة العمل ويقوي من عزيمتي لتجويده، كما لا أشكره على توجيهاته النيرة في هذا البحث، فالله يبارك له في علمه وينفع به العباد إلى يوم المعاد.
-سيدي "إدريس الفاسي الفهري"، الذي جمع بين قواعد ع.الأصول وع.السلوك، ومَدّ جسورا بين العلمين، وهو الذي حبب إليّ العلوم الشرعية بصفة عامة، وأصول الفقه بصفة خاصة، والبحث فيه بصفة أخص. وقد شرفت بالتلمذة عليه في ثلاثة فصول من فصول الإجازة، كما شرفت بإشرافه في مستوى الإجازة على بحثي في موضوع دقيق وهو: "مفهوم التعليل بين التنظير الأصولي والفقه التفصيلي". وكان لهاتين المكرمتين الأثرُ البالغ في تحديد مسار تخصصي، فاللهَ أسأل أن يكلله بالنصر ويرزقه البسطة في العلم ويجعله من أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
-سيدي "محمد المهدي رمح"، العالم الموثق، الذي تتلمذت على يديه، وتعلمت منه فن التوثيق، وتعلمت منه المنهج الفائق والمنهل الرائق والمعنى اللائق بآداب الموثق وأحكام الوثائق، تماما كما وسم الإمام الونشريسي كتابه في علم الشروط.
ويجدر التنبيه إلى أن ليس في هذا التقديم والتأخير وجه بلاغة، بل للمتقدم فضل الاستفتاح، وللمتأخر فضل قرب العهد والاستذكار. فكلٌّ شيوخي وأساتذتي أكن لهم التقدير والاحترام على حد سواء.
-ثانيا: الموضوع وأهميته:
الموضوع:
يروم البحث -قيد المناقشة اليوم- إبرازَ جهود المالكية في إغناء المباحث الأصولية خاصة في الغرب الإسلامي -فكرا وتقعيدا وفقها-، ومحاولة للخروج بمنظومة أصولية مالكية كاملة من خلال أهم شروح البرهان في أصول الفقه للإمام الجويني.
ولم يكن قصدي من هذا البحث أن أتجرد للدفاع عن مذهب الإمام "مالك"بدافع التعصب، بل حاولت تصبو أن تكون دراسة موضوعية جادة مُشَكَّلَة من الاستقراء للمؤلفات المحددة، ومقارنة بالكتاب الأصلي البرهان.
ولما لم يكن من اليسير بحث كل ذلك في هذا المستوى، اكتفيت بما تمس الحاجة إليه، وما تتعين فيه الفائدة أكثر من غيره، فاقتصرت على إبراز المعالم الكبرى في الفكر الأصولي المالكي، وقضايا التجديد فيه عند علماء الغرب الإسلامي، ليصبح عنوان البحث هو:
"الفكر الأصولي لدى مالكية الغرب الإسلامي من خلال شُروحِ البرهان"
- قضايا نظرية ونماذج تطبيقية -
|
أولا: أهمية البحث:
تظهر أهمية البحث في هذا الموضوع بجلاء، ذلك أنه يروم البحث في أسفار كبار محققي المذهب على وجه الخصوص، بل يمكن اعتبار كتبهم من كتب الخلاف العالي في "علم الأصول"، وهي:
تظهر أهمية البحث في هذا الموضوع بجلاء، ذلك أنه يروم البحث في أسفار كبار محققي المذهب على وجه الخصوص، بل يمكن اعتبار كتبهم من كتب الخلاف العالي في "علم الأصول"، وهي:
& -"إيضاح المحصول من برهان الأصول"، للإمام أبي عبد الله محمد بن علي "المازري".
& -"التحقيق والبيان في شرح البرهان"، للإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل "الأبياري".
& -"كفاية طالب البيان شرح البرهان"، للشريف الحسني "أبي يحيى زكريا" .
فإذا أضفنا إلى هذا كله أهمية الكتاب المشروح "البرهان في أصول الفقه"-الذي وُصف بأنه لغز الأمة[1]- لصاحبه الإمام "الجويني"[2]، واستحضرنا أهمية شروحه -التي لم تكن مجرد شرح، بل كانت نقدا علميا متحررا من العصبية المذهبية، وكان شغلها طلاب الحقيقة التي تعضدها البينة- علمنا يقيناً أهمية الموضوع قيد الدراسة.
ومما لفت انتباهي إلى هذه الأسفار هو كثرة تنبيه كتب التراجم على أهميتها، اقتباس نصوص المتأخرين منهم وإحالتهم عليها، كل ذلك دفعني إلى تتبع مكانها والوقوف عليها، وأعرض -فيما يلي ذكره- نصا لفقيه الشافعية الإمام "ابن السبكي"(ت771هـ)[3]-وهو يستغرب فيه تصدي علماء المالكية لشرح البرهان- إذ يقول: «وهذا الكتاب [يقصد البرهان] من مفتخرات الشافعية. وأنا أعجب لهم، فليس منهم من انتدب لشرحه، ولا للكلام عليه إلا مواضع يسيرة تكلم عنها "أبو المظفر السمعاني" في كتابه "القواطع"، وردها على الإمام ["الجويني"]. وإنما انتدب له المالكية، فشرحه أيضا "الإمام أبو عبد الله المازري"[4] شرحا لم يتمه[5]، ثم شرحه أيضا "أبو الحسن الأبياري"[6] من المالكية، ثم جاء شخص مغربي يقال له: "أبو يحيى"[7] جمع بين الشرحين»[8].
ومما يزيد هذا الموضوع جدة: كونه حيث لم يُسبق إلى مثله -حسب اطلاعي المتواضع- وفق التصور الذي أراه، وحسب المنهج الذي اتبعته، حيث يحاول رسم معالم أصولية عند علماء مالكية كبارٍ تأصيلا وتقعيدا وتنزيلا، جمعهم فقه المذهب وكتاب"البرهان"، وفرقهم اتباع الحجة وقوة البرهان.
وما أسلفت كان حديثا عن أهمية الفكر الأصولي بالنسبة إلى الشراح. أما الآن فأود أن أتحدث عن أهمية البحث في الفكر الأصولي على وجه العموم بالنسبة إلى عصرنا الحاضر، وذلك أن كثرة الاختلافات الأصولية قد تشكل عقبة على مريد قواعد الأصول، وتكون متاهة له قد يستعصي عليه منها الخروج. لذلك كان تهذيب آراء أصول الفقه، وتحرير مَحال النزاع، وضبط المصطلحات بالأهمية بمكان، وهذا لا يقدر عليه إلا علماؤنا الأفذاذ، وهذا دورهم تجاه هذا العلم، وضريبة علمية فرضها عليهم اشتغالهم بهذا الفن. بل ويمكن اعتبار هذا الأمر مظهرا من مظاهر التجديد، وتلميعا لصورة البناء المشيد. وكفى بذلك جهدا. وحسبهم أنهم رفعوا الخلاف، وحسبهم أنهم دعوا إلى الائتلاف، وإن لم يجتمع الأمر على مستوى التنظير، فكيف سيجمع على مستوى التطبيق؟ .
وعليه فإن البحث في "الفكر الأصولي عند المدرسة المالكية بالغرب الإسلامي لدى بعض شراح البرهان"، لا تقل أهميته عن هذا أو ذاك، ويدخل تحت هذا الهدف العام، فأول مرحلة لتحقيق ذلك هي خدمة كل أبناء بلدٍ تراثه، حتى إذا تم ذلك انتقلنا إلى خدمة تراثنا الإسلامي الزاخر، وسيكون ذلك أمرا عظيما حقيقا بما سيبذل فيه من جهد. كما أن أهمية البحث في فكر أعلام المالكية المغاربة هو رد لدعوى القصور، ودفع لمزاعم تناقلها أبناء العصور.
ثانيا: إشكال البحث :
ثالثا: المنهج المتبع:
رابعا: خطة البحث
خامسا: النتائج المتوصل إليها: ( العناصر السالفة انظر التقرير المفصل في الرابط أسفله )
سادسا: الختام
وفي الختام، أود أن أعبر بصدق أمام اللجنة الموقرة والحاضرين أني أعتبر هذه المناقشة مجلسا من مجالس الدرس والتحصيل، بل هو في الحقيقة ندوة علمية بامتياز، ولذلك سأجتهد في اقتناص فوائدها وتقييد شرائدها . .
كما أجدد شكري لأعضاء اللجنة المناقِشة وكذا السيد المشرف على ما كابدوه بسبب حرصهم الصادق على تنقيح هذا البحث وتجويده. لذلك أسأل الله عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتهم ويرزقهم مثوبته.
وأخص بالشكر كذلك والدي الذي رباني صغيرا وأدبني كبيرا ولا يزال، وكذا أخوي وأصدقائي وزملائي الذين تجشموا عناء السفر للحضور إلى هذا العرس العلمي البهيج في أعرق جامعة.
وفي الأخير أشكر كل أساتذتي بكلية الشريعة بفاس العامرة، الذين تتلمذت على أيديهم، كما لا أنسى باقي أطر وإداريي المؤسسة، وعلى رأسهم عميدها السيد الدكتور حسن الزاهر.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
[1]- وصفه بهذا الوصف "ابن السبكي" [ ينظر "الطبقات": (5/192)] .
[3]- ترجمته: هو قاضي القضاة تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي(ت771هـ)، شافعي المذهب، له مصنفات قيمة، من أشهرها: "طبقات الشافية"، و"جمع الجوامع"، "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب"... [ينظر: "الوافي بالوفيات": صلاح الدين خليل بن ابيك الصفدي (ت764هـ)، تح. أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث العربي- بيروت، ط1، 1420هـ/2000: (19/209-210) . وقد أورد محقق كتابه "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب" في مقدمة ترجمة وافية له، ينظر "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب": تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي (ت771هـ)، تح. علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، عالم الكتب-بيروت، ط1، 1999م - 1419هـ: (1/27-87)].
[6]- ستأتي ترجمته بتفصيل في المبحث الثالث المبحث الأول من الفصل الثاني في الباب الأول.
[8]- "طبقات الشافعية": "ابن السبكي" الطبقة الرابعة: ترجمة للإمام الجويني رقم 475، [(5/192)].
Post a Comment
ضع تعليقك هنا